رمضان في السودان.. شهر الصيام يتحول إلى موسم للمعاناة
- SBNA
- 1 مارس
- 2 دقائق قراءة
كان شهر رمضان في السودان مناسبة تتزين خلالها الشوارع، وتتعالى فيه أصوات الأذكار، وتنتشر موائد الإفطار الجماعية التي تجمع الجيران وعابري السبيل. لكن للعام الثاني على التوالي، يحل الشهر الكريم وسط أوضاع إنسانية وأمنية قاسية، إذ تحول الصيام من مناسبة روحانية إلى تحدٍ يومي يواجهه السودانيون في ظل استمرار الحرب.

من شوارع مزدحمة إلى أحياء مهجورة
قبل الحرب، كانت أحياء العاصمة الخرطوم ومدن السودان الأخرى تشهد استعدادات مكثفة لاستقبال رمضان، من حملات نظافة عامة إلى صيانة الإضاءة الخارجية، فيما كانت موائد الإفطار الجماعية في الشوارع من أبرز التقاليد المتوارثة. اليوم، اختفت هذه المظاهر تمامًا، خصوصًا في العاصمة التي شهدت نزوح نحو 80% من سكانها البالغ عددهم 8 ملايين نسمة قبل اندلاع القتال.
محمد شريف، أحد القلائل الذين بقوا في منازلهم بمنطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم، يروي واقعًا مختلفًا تمامًا عن رمضان الماضي. يقول: “في السابق، كان يقطن في الشارع الواحد نحو 50 أسرة، يجتمعون على موائد مشتركة، أما الآن، بالكاد تجد ثلاث أو أربع أسر متبقية. الجميع فرّ، ولم يبقَ إلا المضطرون مثلي.”
خطر يلاحق الصائمين حتى داخل منازلهم
لم تعد موائد الإفطار الجماعية خيارًا مطروحًا، إذ يوضح شريف أن “الوضع الأمني لا يسمح لأي شخص بالخروج، فالمقذوفات القاتلة قد تسقط في أي لحظة، كما أن أنقاض المنازل المدمرة تملأ الشوارع، ولم يعد هناك جيران أو حتى عابرون يحتاجون إلى الإفطار.”
أسواق خاوية وارتفاع جنوني للأسعار
على غير العادة، لم تشهد الأسواق السودانية ازدحامًا قبيل شهر رمضان. فمع فقدان أكثر من 60% من السكان لمصادر دخلهم، وارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 200% إلى 400% مقارنة بما قبل الحرب، أصبح الحصول على مستلزمات الشهر الفضيل تحديًا كبيرًا.
علي يوسف، أحد سكان منطقة الثورات، خرج لشراء احتياجاته الرمضانية رغم المخاطر الأمنية، لكنه صُدم عند وصوله إلى السوق. يقول بأسى: “الميزانية التي أعددتها لا تكفي لشراء نصف احتياجاتي. كنا نعد موائد إفطار وفيرة، لكن اليوم سنكتفي بالقليل مما يسد رمق الصيام.”
أزمة السيولة تعمّق المعاناة
زاد تغيير العملة الوطنية من الأزمة، حيث حدّت الإجراءات المصرفية الأخيرة من معدلات السحب اليومي، في وقت لا تزال أنظمة الدفع الإلكتروني تعاني من ضعف التغطية. ونتيجة لذلك، لجأ التجار إلى فرض زيادة تصل إلى 15% على أسعار السلع عند الدفع الإلكتروني، مما زاد من معاناة المواطنين.
رمضان في زمن الحرب.. أمل في السلام
وسط هذه الأوضاع القاسية، يبقى الأمل معلقًا على إنهاء النزاع، ليعود رمضان إلى ما كان عليه في السودان؛ شهرًا للسلام والتكافل، بدلًا من أن يكون موسمًا للمعاناة والصراع من أجل البقاء.
Comments