خبراء: البرهان يناور لاستمالة معارضي تشكيل الحكومة المدنية في “تقدم”
- SBNA
- 11 فبراير
- 3 دقائق قراءة
يرى خبراء أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والتي تضمنت تهديدات مبطنة لـتنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم)، تهدف إلى استمالة السياسيين الرافضين لمساعي التنسيقية لتشكيل حكومة مدنية شرعية.
ويشير محللون إلى أن التطورات السياسية والعسكرية في السودان تعكس محاولات لإعادة ترتيب المشهد السياسي وفق أجندات معينة، في حين يعتبر آخرون أن الخطاب السياسي في هذه المرحلة يتضمن تهديدات مبطنة تهدف إلى تقويض الجهود الرامية إلى إقامة حكومة مدنية.
تحذيرات البرهان وتصاعد التوتر
تأتي هذه التحليلات على خلفية التصريحات الأخيرة للبرهان، والتي وجه فيها تحذيرات مباشرة إلى “تقدم”، محذرًا من أن دعمهم لقوات الدعم السريع يجعلهم، في نظر الجيش السوداني، جزءًا من الأزمة، مشددًا على أنه “لن يكون لكم مكان هنا ما لم تتوقفوا عن دعم التمرد”، وفقًا لتعبيره.
وفي هذا السياق، قال أحمد تقد، القيادي في “تقدم” والأمين العام لحركة العدل والمساواة السودانية، إن “البرهان يحاول إخفاء حقائق لا يمكن التغاضي عنها”، مشيرًا إلى أن “الشعب السوداني والقوى السياسية يدركون تمامًا أن الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني قد عادا إلى المشهد السياسي تحت غطاء ما يسمى (معركة الكرامة)”.

وأضاف، في تصريحات لـ(إرم نيوز)، أن “البرهان قدم غطاءً سياسيًا كبيرًا لهذه المجموعات، حيث باتت تقود العمليات العسكرية وتسيطر على المشهد العسكري، وهو أمر سيكون له تأثير كبير على تطورات الوضع السياسي في البلاد”.
الهروب من الواقع
أكد أحمد تقد أن “تقدم، كقوة مدنية وسياسية، لا تعير هذه التصريحات اهتمامًا كبيرًا”، واصفًا إياها بأنها “مجرد محاولة للهروب من الواقع، حيث تمكنت الحركة الإسلامية، عبر واجهاتها المختلفة، من استعادة موقعها في المشهد السياسي والتحكم في مسار العمليات العسكرية”.
وأضاف أن هذه التصريحات “تعكس محاولة لتمرير أجندة سياسية تخدم مصالح الحركة الإسلامية، التي تتحكم في القرار السياسي للبرهان ومن حوله”.
وأشار إلى أن القوى المدنية “لا تكترث بالإجراءات الشكلية التي قد يتخذها البرهان، مثل تعديل الوثيقة الدستورية، لأن هذه الوثيقة معلقة بالكامل، ولا توجد سلطة شرعية في البلاد، بل هناك سلطة أمر واقع تمارس مهامها من بورتسودان”.
التصدي لحكومة الأمر الواقع
وأوضح تقد أن “القوى السياسية ستعمل بجدية لعرقلة هيمنة حكومة الأمر الواقع، وتسعى لتشكيل حكومة شاملة تضم جميع المكونات الاجتماعية في السودان، لتمثيل تنوع الشعب السوداني في المحافل الدولية، والتركيز على معالجة الظروف المعيشية الصعبة، خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحركة الإسلامية”.
وأضاف أن القوى السياسية “غير معنية بالمحاولات الشكلية، مثل إعداد دستور جديد لإحداث واقع سياسي مختلف”، مؤكدًا أن “هذه الخطوات لن تغير شيئًا في المشهد العام، ولن تؤثر على مواقف القوى السياسية الساعية لمواجهة تمدد الحركة الإسلامية”.
وأشار إلى أن تصريحات البرهان حول تشكيل “حكومة مدنية مستقلة” ليست سوى “مراوغات سياسية، إذ يدرك الجميع أنه سيعين فقط شخصيات محسوبة على الحركة الإسلامية وعناصر موالية لمشروع الحرب”، مجددًا التأكيد على أن القوى المدنية لا تولي هذه التحركات أي اهتمام.
وأكد أن القوى السياسية تبذل جهودًا “لمواجهة هذه الحكومة بالتوازي مع جهودها لاستعادة شرعية ثورة ديسمبر، وتشكيل حكومة مدنية قادرة على مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة الصعبة”.
عرقلة تشكيل الحكومة المدنية
من جهته، قال الدكتور علاء الدين نقد، عضو “تقدم”، إن تصريحات البرهان الأخيرة “تعكس مخاوف الجيش السوداني والإسلاميين من الحكومة المدنية المقبلة”، مشيرًا إلى أن “حديث البرهان عن تشكيل حكومة تكنوقراط في بورتسودان، وتحذيره لتنسيقية (تقدم) بعدم وجود مكان لهم ما لم يتخلوا عن دعمهم للتمرد، إضافة إلى إعلانه عن رفع الحظر عن بعض السياسيين، والترحيب بعودة من (يصلحون أوضاعهم)، يعكس مدى الارتباك داخل المنظومة العسكرية والسياسية التي يقودها”.
وأوضح نقد لـ(إرم نيوز) أن “هذه التصريحات لم تكن لتصدر لولا اقتراب موعد الإعلان عن حكومة مدنية شرعية من قبل (تقدم) وقوى أخرى خلال الأيام والأسابيع القادمة”.
وأشار إلى أنه “منذ الإعلان عن هذه الخطوة، بات هناك ارتباك واضح في حسابات البرهان وحزب المؤتمر الوطني وسلطات بورتسودان، إذ أن هذا التطور السياسي المهم سيكون أول تحرك فعلي لسحب الشرعية الزائفة من سلطة بورتسودان، بهدف إنهاء مشروع المؤتمر الوطني والإسلاميين، الذين أشعلوا الحرب الحالية لخدمة مصالحهم”.
وأضاف أن “هذه الخطوة أثارت ردود فعل غاضبة من الإسلاميين وقادة الجيش وبقايا النظام السابق، وهو ما انعكس في تصريحاتهم المتوترة والمتناقضة حول الموضوع؛ إذ قللوا من أهميته تارة، وهاجموه مباشرة تارة أخرى، وهو ما يؤكد مدى تأثيره عليهم”.
واختتم نقد تصريحاته بالتأكيد على أن هذه المناورات لن تعيق التقدم نحو الخطوة المقبلة، وهي الإعلان عن الحكومة الشرعية التي ستعيد ترتيب المشهد السياسي في السودان.
Comments