top of page

البرهان ينقل الصراع من العسكري إلى السياسي: مناورة محسوبة أم محاولة يائسة؟

  • SBNA
  • 11 فبراير
  • 2 دقائق قراءة

مع استمرار الحرب في السودان، يبدو أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان يسعى لتحويل الصراع من المواجهة العسكرية المباشرة إلى معركة سياسية، في خطوة تعكس استراتيجيته المتكررة في “خلط الأوراق” لتحقيق أهدافه.


ظلت الجهود الدولية تركز على إبعاد التيارات الإسلامية عن المشهد السياسي السوداني كشرط أساسي لاستقرار البلاد، ويبدو أن البرهان قد أبدى قبوله بهذا السيناريو من خلال خطابه الأخير، الذي حمل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأنه يمتثل للتوجهات المطروحة.


صدمة الإسلاميين ورد فعل متأخر


كالعادة، بدت الفلول غائبة عن المشهد، غير مدركة لما يحدث، ولم تستوعب إلا بعد فوات الأوان أن البرهان تخلى عنها في محاولة لإنقاذ نفسه. والمفارقة أن هذه التيارات التي أشعلت الحرب وألحقت الدمار بالبلاد ما زالت تطمح إلى استعادة الحكم، في أكثر المناورات السياسية سذاجة.



لكن البرهان، بخطابه الأخير، قام برفع الغطاء العسكري عن هذه الجماعات، تاركًا إياها عرضة للاستهداف داخليًا وخارجيًا، خاصة أن الحرب لم تنتهِ بعد، ما يعني أن أي جهة قد تستغل الفراغ الحالي لتصفية الحسابات على الأرض.


مقامرة سياسية محفوفة بالمخاطر


في ظل استمرار العمليات القتالية، كان من المتوقع أن يركز البرهان على تحقيق حسم عسكري، لكنه بدلاً من ذلك انشغل بالتحركات السياسية. فلو كان قد انتصر بالفعل، لكان قد عاد إلى الخرطوم وأعلن القضاء على التمرد وتشكيل حكومة. لكن ما يحدث حاليًا يوحي بأن خطابه ليس سوى رسالة موجهة للخارج، مفادها أنه مستعد لعقد صفقات سياسية، حتى لو كان الثمن التخلي عن حلفائه الإسلاميين.


يبدو أن البرهان يسعى لطمأنة المجتمع الدولي بأنه جاهز لأي اتفاق يقضي على الإسلاميين، لكنه في المقابل، لم يعد يحظى بالاهتمام نفسه، حيث أصبح العالم يتعامل معه ومع حلفائه كأطراف تجاوزها الزمن.


تناقضات المصالحة السياسية


المنطق العسكري يقول إن المنتصر في الحرب لا يبحث عن تسويات سياسية، لا مع خصومه ولا حتى مع الحلفاء المترددين. فلو كان البرهان يسعى فعلاً للمصالحة مع القوى السياسية، فلماذا خاض حربه ضدها منذ البداية؟


إذا كان جادًا بشأن عودة الحكم المدني، فعليه أولًا أن يسقط الاتهامات التي وجهتها النيابة العامة، بتأثير من الإسلاميين، ضد القوى المدنية، لأن هذه التهم لم تكن سوى أداة لإقصاء الخصوم السياسيين.


كما أن مطالبة القوى السياسية بإعلان عدم ارتباطها بالدعم السريع ليس سوى محاولة لتبرير تراجعه عن مواقفه السابقة، وهو أمر يكشف عن سذاجة سياسية واستخفاف بالعقول.


البرهان.. استثناء نفسه من الإقصاء؟


المفارقة الكبرى أن البرهان، في محاولته إقصاء الجميع عن المشهد، يستثني نفسه وكأنه ليس جزءًا من الأزمة. فإذا كان يرى أن الإسلاميين وغيرهم يجب أن يُستبعدوا من الحكم، فلماذا لا يشمل نفسه في هذه المعادلة؟


المقترح الدولي لحل الأزمة السودانية يدعو إلى حكومة تكنوقراط تستند إلى دستور انتقالي وبرلمان شعبي، تحت حماية جيش وطني موحد، وهو ما يعني استبعاد كل من العسكر والإسلاميين عن الحكم، وإفساح المجال لشخصية وطنية مستقلة ذات كفاءة.


لكن السؤال الأهم: ماذا حققت الحرب لمن حاولوا إجهاض الحكم المدني؟

• 160 ألف قتيل من المدنيين

• 7 ملايين نازح ولاجئ

• تدمير شامل للبنية التحتية والاقتصاد


خاتمة: لا للحرب.. ولا للعفو المجاني


المصالحة الحقيقية لا تتم عبر التنازلات المضللة، ولا يمكن أن تُمنح البراءة لمن تلطخت أيديهم بالدماء. الاتهامات التي وُجهت إلى القوى السياسية يجب أن تثبت أمام الشعب السوداني، وإن لم تُثبت، يجب أن يُحاسب من أطلقها.


قبول العفو من البرهان يعني الاعتراف بالذنب، بينما الحقيقة أن البرهان نفسه هو من يجب أن يطلب العفو، لا أن يمنحه.

 
 
 

Comments


أحدث الأخبار

احصل على أخبار السودان مباشرة إلى بريدك الإلكتروني. اشترك في نشرتنا الإخبارية الأسبوعية.

© 2025 by The Global Morning. Powered and secured by SBNA

bottom of page